ارتفاع سعر خرطوش الصيد 900% … والعصافير تزقزق
لوحظ في الآونة الأخيرة ازدياد أعداد الطّيور في لبنان بشكل لافت، إضافة إلى ظهور أنواع جديدة كانت قد فُقدت منذ سنوات، وهذا يعود لانخفاض نسبة الصّيد وأعداد الصّيادين، لا بدافع تطبيق القوانين التي تحظر الصيد بل بسبب ارتفاع أسعار الخرطوش ارتفاعًا خياليًّا.
رئيس نادي الصيد في لبنان إيلي مزرعاني أكّد لـ”أحوال” أنّ سعر الخرطوش في لبنان ارتفع بشكل كبير وذلك لسببين، الأوّل هو إغلاق مصانع المواد الأوليّة في أوروبا التي تدخل في صناعة الخرطوش من بارود وخردق والكبسول(الصّاعق) بسبب جائحة كورونا، وبالتالي انخفاض الانتاج عالميًّا، وهذا الأمر أدّى إلى ندرة هذه المواد لدى التّجار المستوردين لها، والسّبب الثاني هو انهيار سعر صرف اللّيرة أمام الدولار ما رفع سعر علبة الخرطوش بشكل كبير.فالعلبة التي كان سعرها 6$ كانت تساوي 9000 ليرة لبنانية أمّا اليوم وبسبب انهيار سعر صرف العملة الوطنية أصبحت تساوي حوالي 75 ألف ليرة، وبالتالي لم يعد لدى الصّياد اللبناني القدرة على ممارسة هذه الهواية، علمًا أنّ سعر الخرطوش سيرتفع بنسبة 25% في الأيام القادمة بسبب فقدان المواد الأوليّة من الأسواق.
فالعلبة التي كانت تساوي 6 دولار سيصبح سعرها 7.5 دولار، أي سيرتفع سعرها المحلّي إلى 90 ألف ليرة، هي نفسها التي كان يشتريها منذ عام ونصف بتسعة آلاف ليرة، أي أنّ التكلفة على اللّبناني ارتفعت 900%.
ولفت مزرعاني إلى أن منع الصّيد من قبل السلطات في معظم دول العالم بسبب الإغلاق العام خلال جائحة كورونا، أدّى إلى ارتفاع أعداد الطّيور بشكل ملحوظ.
لا الرخص ولا القوانين استطاعت منع الصّيادين من الصّيد، وإنما ارتفاع أسعار الخرطوش والأوضاع الاقتصادية الصّعبة التي يمرّ بها لبنان حالت دون ذلك، كما أن عددًا كبيرًا من الصّيادين عمدوا إلى بيع أسلحتهم بسبب الحال المزري الذي وصلوا إليه كما بقيّة الشّعب اللّبناني من أجل تأمين قوت عائلاتهم.
“أحوال” تواصل مع أحد تجّار ومصنّعي الخرطوش الذي فضّل عدم ذكر اسمه، وأكّد أن نسبة البيع متدنيّة جدًّا، وذلك بسبب ارتفاع أسعار المواد التي تدخل في صناعة الخرطوش، فسعر الألف كبسولة كانت أربعين ألف ليرة لبنانية، الآن المئة كبسولة بأربعة دولارات ونصف، أما 5 كيلو من الخردق فكان 17000 ليرة لبنانيّة، أما اليوم الكيلو الواحد منه أصبح 4$، وكان كيلو البارود 45000 ليرة واليوم أصبح ال200 غرام منه بقيمة 12$، وبالتالي هذا الارتفاع في المواد الأوليّة أدّى لارتفاع سعر علبة الخرطوش الصغيرة من 3500 ليرة إلى 35000 ليرة، والكبيرة من 12000 ليرة إلى 80000 ليرة، وكل هذا الارتفاع أدّى إلى عجز الصّياد عن شراء الخرطوش خصوصًا مع انعدام القدرة الشرائّية لدية بسبب الوضع الاقتصادي الصّعب.
الطبيعة تجدّد نفسها بنفسها عندما يكف الإنسان عن العبث بها، والطيّور تتكاثر بشكل كبير بسبب الجائحة وانخفاض نسبة الصّيد في لبنان والعالم، وفق ما أشار الخبير والباحث في القضايا البيئّية الدكتور عامر طرّاف، مؤكّدًا أن أعداد الطّيور بارتفاع متزايد وهذا شيء مهم وضروري للقضاء على الحشرات كالجراد وغيرها، وللابتعاد في الوقت عينه عن رش المبيدات الكيميائية التي تفتك بالأخضر واليابس وتضرّ بالطّيور وتقضي على النّحل.
وأكّد طرّاف أنّه إذا حصل تشدّد بتطبيق القوانين لمنع الصّيد، مترافقًا مع هذا الانخفاض بأعداد الصّيادين، فسنشهد تجدد أكبر في الطبيعة وستظهر أنواع جديدة من الطّيور والحيوانات كنا قد افتقدناها لسنوات.
جائحة كورونا والأزمة النقديّة والاقتصاديّة التي أرهقت اللّبنانيين، حلّت خيرًا على الطبيعة بكل مكوّناتها، فأعداد الطّيور ارتفعت بشكل ملحوظ، على أمل أن تنتهي كل الأزمات، وينتهي معها مسلسل القتل الجماعي للطيور والتدمير الممنهج للبيئة، حتى تستعيد الطّبيعة عافيتها من كل ما اقترفته أيادي البشر لسنوات طويلة.
منير قبلان